القائمة الرئيسية

الصفحات

سلوى محمد علي تكتب: وماذا بعد


لم يعد لدي صبر على بعض الأمور ، ليس لأني أصبحت منهكة بحسب  ، ولكن ببساطة لأني وصلت إلى نقطة من حياتي وصلت فيها للذروة ، حيث لا أريد أن أضيع المزيد من الوقت مع من أو شئ  لايروق لي .

لم يعد لدي صبر على الاستخفاف ، أو الغباء أو الكذب أو النفاق  أو علي تحمل المصطلح الجديد المجاملة الزائفة من أجل متطلبات من أي نوع، لقد فقدت الرغبة في إرضاء الناس الذين لا يقدرون ، وفقدت الصبر على تحمل المزيد من مقربين لايتفهمون .. لا أقوي علي ان أهدي أية لحظة من عمري إلى أي شخص يتلون أو أي شخص يريد التلاعب مقصود أو ان أتحمل من يعيشون في كوكب محاطون بنماذج تملأها  الغطرسة الفارغة.

فأنا أؤمن بأن الله عز وجل يعطينا جميعا أقدارا  نستطيع أن نتحملها ونقدر عليها  مغلفة  بالرحمة و العدالة و الإنصاف ، و لكننا عندما تدخلنا ووضعنا بصمتنا غيرنا من كل جميل مقصود الي مسخ مكروه .

كان الأجدي بنا أن نلتزم بدورنا الإنساني و لا نتقلد كل الأدوار الحاكم و المحكوم ، فلقد صنعنا بأيدينا ألهه و فراعين تصوب و تجوب و تصدر الأحكام و تتحكم في مصائر الأجيال وتوجه و تشوه العقول .

لم نعد نحتمل صراعات من بشر  تريد  أن تكون و تفرض وجهة نظرها ، لقد فرغ الصبر و زاد الحنين الي مرحلة البدايات حيث البراءة و قلب غير محمل بالاوجاع .

هم لا يعرفون ما معنى أن تكون شخصاً يتجاوز كل شيء وهو صامت، يتجاوز ويتجاوز بكل هدوء حتى يعتقد من يراك أنك لم  تتأثر أو تتعثر يوما.

لا أحد سيعرف إلى أي مدى أنت متعب و مجهد ، فـظاهرك منظم متحمل وتفاصيلك الهادئة لا تشير بمقدار الوهن الذي تضمره ولأنك تبتسم كثيراً لن يشعر بك أحد.

 لن يفهموك إلا إذا غربت شمسك  و اصبحت ذكري ، فأنت تتحدث عن عمر أجهدته بالكثير من المواقف و الحنين ، عن أمر قطعت فيه ملايين الأميال تفكيرا ولم يمشوا فيه خطوة واحدة ولن يشعروا بك فأنت تشرح ما جال في قلبك كل ليلة ملايين المرات ولم يطرق قلبهم ليلة ، ليس ذنبهم بل هي الهوة الواسعة بين التجربة والكلمات .


كاتبة المقال ..  مدير عام مساعد بقطاع البترول وعضو الاتحاد العربي للعمل الإنساني و التنمية المستدامة التابع لجامعة الدول العربية و سفيرة المناخ وسفيرة مؤسسة بهية .

تعليقات